تكثر هذه المقولة عند أطفالنا " زِيد زِيد يا مطر، الله يخليك يا مطر" فما حكمها؟
[
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ما أكثر ما قلنا هذه الكلمات ونحن صغار : زيد زيد يا مطر الله يخليك يا مطر،،، لكن هل تأملنا معناها؟،،،
إليك جواب الشيخ جمال الحارثي -حفظه الله- :
.
سائل يسأل
ما حكم هذه المقولة:
" زيد زيد يا مطر،،، الله يخليك يا مطر." ؟
وهل هي من الألفاظ الشركية؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
فهذه اللفظة والعبارة توهم أن المطر هو الذي ينزل من تلقاء نفسه وأنه هو الذي يأذن ويمنع نفسه من النزول.
وهذا لا شك أنه منافي لكمال التوحيد، والذي ينزل المطر ويسير السحاب هو الله تعالى.
قال تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ }.
في هذه الآية يخاطب الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم
أَلَمْ تَرَ ) يا محمد ( أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي ) يعني: يسوق( سحابا ) حيث يريد ( ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ) يقول: ثم يؤلف بين السحاب، والسحاب؛ جمع، ومفرده سحابة.
( ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا ) يقول: ثم يجعل السحاب الذي يزجيه، ويؤلف بعضه إلى بعض ركاما، يعني: متراكما بعضه على بعض.
(فَتَرَى الْوَدْقَ) أي المطر { يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ } أي: من خَلَله.
فسبحان الذي ساقه وجمعه وأنزل منه الماء، تبارك الله رب العالمين.
وقال عز وجل: { وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.
وقال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }.
وقال تعالى: { وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ }.
وقال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }.
فهذه الآيات وغيرها كثير في كتاب الله تعالى تبن أن الله تعالى هو الذي ينشىء السحاب وينزل المطر ويسوقه سبحانه وتعالى للبد الذي يريد لأنه تعالى هو العالم بأحوال العباد والبلاد والمتصرف في الكون وحدة سبحانه.
بل حتى المشركين كانوا مقرين ومعترفين غير منكرين بأن الله تعالى هو الذي ينزل المطر، قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ }.
ولعل هذه الكلمات تخرج من غير قصد من قائلها وخاصة الأطفال الصغار فيجب أن ننبه منها ونعلمهم العقيدة الصحيحة من نعومة أظفارهم، بأن ننسب المطر ونزوله إلى الله تعالى، فنقول: اللهم زد وبارك.
ولا يقول قائل أنا ما قصدت أن المطر هو الذي يُنزل الماء من نفسه.
فنقول القصد شيء والعبارة شيء آخر، فيجب أن توافق العبارة الصحيحة القصد الصحيح وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مثل هذه العبارة وحذر من القصد أيضا ففي الحديث عن زَيْدِ بن خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قال صلى لنا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ على إِثْرِ سَمَاءٍ كانت من اللَّيْلَةِ فلما انْصَرَفَ أَقْبَلَ على الناس فقال هل تَدْرُونَ مَاذَا قال رَبُّكُمْ؟ قالوا الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قال أَصْبَحَ من عِبَادِي مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ فَأَمَّا من قال مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا من قال بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ). متفق عليه.
قوله في الحديث: (على إِثْرِ سَمَاءٍ كانت من اللَّيْلَةِ) أي؛ على إثر مطر لأنه ينزل من السحاب، والسماء يُطلق على كل ما ارتفع.
ففي هذا الحديث لم يفرق الله تعالى بين حسن القصد مع خبث العبارة (مطرنا بنوء كذا وكذا .. ) فقد حكم على من قال ذلك؛ بالكفر به.
فيجب على الآباء والأمهات أن يربوا أبناءهم من صغرهم على العقيدة الصحيحة والألفاظ الشرعية ، ولا يلتفتون إلى من يقول: إنهم لا يقصدون وأنهم لا يعتقدون.
فنحن نعلم ونقرأ ونسمع ما يقرره أهل الكفر والإلحاد من نظريات تفسد العقيدة وتشكك في الله تعالى، بقولهم: أن المطر منشأه من تبخر البحار ثم يجتمع في السماء وتتصادم السحب فتحدث موجات كهربائية ــــ إلى آخر كلاهم النظري العقيم الممرض ـــــ ويقولون وتحدث الصواعق والبرق بسبب الموجات الكهربائية ثم ينزل المطر.
فنسبوا كل شي إلى النظريات والطبيعة وأفسدوا عقائد بعض المسلمين، وللأسف فقد صدّقهم بعض المسلمين في ذلك وأقرهم.
فالواجب تحصين أولادنا من هذه النظريات الكفرية، وأن نعلم أبناءنا بأن ينسبوا المطر إلى مدبر الكون والأمور ـــ الله سبحانه وتعالى ــــ.
والله تعالى أعلم.
وبالله التوفيق.
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
21 / 1/ 1432هـ
جزى الله الشيخ خير الجزاء